واشعباه….عنوان مقالي لنصرة حرماتنا

واشعباه

  تعددت روايات تدخل الخليفة العباسي المعتصم بالله لنصرة المواطنة العربية المستغيثة به بعد الله من استبداد أمراء عمورية البلد الواقع في نواحي بلاد الروم آنذاك وتركيا حاليا,وإن اختلفت الروايات في دواعي تلك الصيحة التاريخية “وامعتصماه“إلا أنها أجمعت على أن ذلك الخليفة لم يتخل عن نخوته ومروؤته العربية وحميتة الإسلامية في التفاعل مع تلك المرأة المكلومة فجهز جيشا تحت قيادته لنصرتها فأكرمها وأذلّ عزيز عمورية.

عيني على الإمارات وأنا أستدعي هذه القصة التاريخية,ذلك أن تلك الدولة التي تزعم أنها عربية وشكلتها قبائلنا العربية الأصيلة التي تنحني لحرمة المرأة, وتعلى من  شأن وقيم النخوة والمروؤة والحميّة,وفيها نظام صدّعنا بأنه يهوى الوطن والمواطن,وانضاف إليه صداع آخر عبّر عنه ذلك القائد الأمني الظالم الذي تقمّص شعار”البيت متوحّد”,ثم مابرح يتخلى عن تلك المزاعم عبر اعتقال امرأة حرة عفيفة مواطنه تدعى عائشه الزعابي لا ذنب لها سوى أن لها زوج قاض حر!

هل أصبح شعب الإمارات في ظل عبودية مقنّعة,أم أن الأمر عند طاغية مسعور يتميز بوحشية مطلقة,أم أننا أضحينا أكثر بلادة من حجر الصوّان الذي يتطاير شررا حين قدْحه بالزناد فلا شرر ولا مروؤة ولاغضبة إزاء طاغية يستخِفّ بقيمنا ومراجعنا,الأمر الذي جعلنا نقسوا أولا على وطننا الحبيب الإمارات حينما صمتنا على خطيئة مسخ هويته وثقافته وانتزاعه من عمقه العربي,ثم ساهمنا تالياً بصمتنا المخزي إزاء انتهاك دستورنا وقوانينا,ثم ها نحن نفقد أعز ما نملك كرامتنا ومروؤتنا لأسباب تحيّر الحكيم.

نتفرج جميعا على مشاهد لا تنتهي  من الإنتهاكات,وحسبنا لِفافة بالية من المال والنعيم الزائل ,ولا نعي أن كل يوم تخصم السلطة من رصيد كرامتنا لترفع من رصيد استبدادها وقسوتها,ذلك حينما بلعنا الصمت إزاء مشاهد الفتك بالكلمة الحرة وصاحب الكلمة وتجارته وبيته وابنه واليوم نحن نعزّي مروؤتنا ونخوتنا عبر اعتقال حرماتنا,فمثلنا كمن يسير في مسيرة ظاهرها العز والمال والتطور والمدنية وباطنها صغارٌ قوم أغرار يقودون الجميع نحو مستنقع قريب سنكون فيه أول الغارقين.

تخيلت لو أستعادت تلك الأخت المخطوفه والتي أفرج عنها لاحقا تلك الاستغاثة بتصرف فقالت:”واشعباه”,وشد من أزر الصيحة زوجها المهاجر في سبيل الحرية,فهل من الممكن أن تلامس تلك الصيحة نخوة شباب الوطن .

نحن شعب الإمارات أضحينا كورقة خريف تواجه ريح المستبد المتسلط عبر ولاءات أجنبية منها العدو ومنها الصديق,لا يثيره ذاك بل الأولى عنده أن يفعل فينا كما يشاء بما يشاء وبمن يشاء,فلا فرق في نظره بين امرأة ورجل ولا طفل رضيع يُفطم عن أمه قسرا ولا شيخ وقور,فالكل سواء إزاء ريحه.

أيها المتنفذ العائل المثير للشك والريبة احذر من تكرار المغامرة,واعلم بأنك أفسدت البيت وعكرت صفاءه ونقاوته,وخلَطت في بلاد العرب والإسلام فخدشت معاني الحب في قلوب الشعب,فأصبحنا الأكثر شهرة بالسوء للعرب,بعد أن كنا إلى وقت قريب نمتلك قلوب وأفئدة سواد الناس,فصرنا بين أحمق وأرعن أومعتوه يخلط  السياسة باللعب.

إننا في ظل نظام قمعي يهوى ممارسة الغطرسة ويسعى إلى تحويل أرضنا إلى مواخير البغي والظلم والترعيب والترهيب والاستخفاف والاحتقار,على الرغم أنه يرعى شعبا مطيعا منضبط يحب السلامة.

إلى شعب الإمارات بكل أطيافه وألوانه وفئاته ومناطقه حضره وبدوه وراياته وقبائله وعُصاته وعُبّاده وجبنائه وشجعانه ورجاله ونسائه,لقد تجرعت الكثير من ذاك المتسلط الطاغي,فالحذار الحذار من الصمت على كرامتك وحرماتك,فليس لك وزن دون حرمة,ولن تصون حُرمتك دون رجولة,ولن تحظى برجولة دون تضحية.

أيها المغلوب على أمره انتفض على قدراتك وانسى ما انت عليه من النعيم والرزق الكريم فهذه ليست منحة من تلك النُطفة المتسلطة,وإنما تلك محنة من الرب الرزاق سبحانه,الأمر الذي يلزمك أن توحد طاقاتك لتصون حرماتك وتُعلي من كرامتها فوق أعناق المستخفين,ولا تخش سجنه ولا مرتزقته,فالسجن أشرف للحر من قصرمرصّع بالعبودية والهوان.

أيها الأحرار لا تنتظروا حشد الناس وأعدادهم ,ولا تسيطر على قلوبكم القوة المادية وأسرارها فسرّ الله أغلب وأعظم,فإن أعاد الكرّة ذاك الجهاز وانتهك حرمتك فعبّر عن رأيك ولو بعشرة رجال أمام قصر ذاك الطاغية, أو إزاء ذاك الجهاز المتسلط أو بعشرات هنا وهناك يتوحدون حينئذ لنصرة حق فُقد في غياهب القلوب الخانعة الخاشعة,فالشعب الحر يظمأ ولا يشرب الذلّ والصّغار.

أضف تعليق