الاتحاد بين الصواب والخطأ

حين يريد الله لمجموعة من البشر الخير والرحمة يحفهم بنعمة نادرة وهي رحمة التوحد والاعتصام في ظل رؤية وهدف ومسيرة واحدة ،وهذا ملخص ما تم في هذه المنطقة من جزيرة العرب فتحولت من بقعة منفرة وقبائل متناحرة يقتل ويسلب بعضها البعض إلى كيان موحّد سُمي دولة الإمارات العربية المتحدة، فالتف حولها الشعب وصارت محطة أنظار العالم عربا وعجما، و تميزت براية واحدة ونشيد واحد ولغة ودين واحد ورزق الله تلك القرية بثروات طبيعيه،فانتشلت أبناءها من القحط وفقر الخيام والعريش فشبع الناس وأمنوا وتعلموا واستبدلوا المركب والملبس أليس ذلك صواب ونعمة فأين الخطأ.
هنا الفكرة وتلك هي النعمة،لكن يجب ألا يتوقف الفهم هنا بل لا بد من سبر مسيرة تلك التجربة وما تحمله من شجون وشئون وبدايات ومآلات وعوامل قوة وضعف وأقطاب أخرى مختلفة،وهذا دورالجميع سلطة وشعب ومجالس استشارية،ذك لأن إستراحة التمعّن تعمل على التمكين والتجديد والتقدم.
اتحاد الإمارات شمل الصواب والخطأ وهذه طبيعة مشاريع البشر،فكان من الصواب أن يبدأ الاتحاد بتحرير الإنسان الإماراتي من ظلم الفرقة والفقر والتنازع،لكن بعد عقود من الزمن تحول هذا التحرر إلى طيف من العبودية، ذلك لأن زعيم القبيلة تحول إلى مسئول تهافتت له صفات النزاهه من الخطأ ولم يكن يحلم بهذا! فصيّره ذلك المشهد إلى ملك مطلق الصلاحية في الأرض والمال والبشر فيبيع ويحتجز ويعتقل من أراد ولمن أراد فكان هذا خطأ بل خطيئة يجب تصويبها.
حرية الكلمة في الاتحاد كانت من أدبياته ومن مبادئ دستوره ،فتجدها جلية لدى أبائنا اثناء تعاملهم مع الحاكم والمحكوم،وتعزز ذلك عبر محاضر ونقاشات جلسات المجلس الوطني الحرة “المنصرمة”،وإطروحات وحوارات السلف،ولمسه جيلنا في انتخابات الأندية الاجتماعية والجمعيات الخدمية ومجالس الطلبة،فكان ذلك صوابا وتعزيزا لدور الاتحاد وصيانته للحريات العامة ،ثم تحول ذلك المشهد إلى الخطأ عبر استبداد مقيت حينما فرضت أجهزة الأمن أجندتها على المجتمع فكمّمت الأفواه وأصدرت القوانين لخنق الإعلام وقنوات التواصل الاجتماعي واعتقل الرجال والنساء والأحداث بسبب تلك الكلمة الحرة.
القضاء كان صوابا أن يستقلّ بسلطته في بداية الاتحاد ما جعله يصدر أحكاما ضد الدولة وبعض المسئولين من الأسر الحاكمة،وكان خطأ أن يسيّس في العهد القريب ليصبح أداة من أدوات الأمن يختار القضاة ويعتمدهم قبل الحكم وبعد الحكم ويكفي انحرافا أن تصدر احكام ب ١٠ سنوات ازاء محامي دافع عن الحريات.
التعليم كان صوابا بل ضرورة لمجتمع كان التعليم فيه عملة نادرة،فشكّلت المدارس واستقطب المدرسين العرب للتعليم والتأهيل وأُنشئت الجمعيات فكانت نقلة نوعية ومعرفة متماهية مع ثقافة شعب عربي مسلم،ولكن تحول التعليم بعد ذلك إلي ميدان للتنافس غير الشريف سعيا لتحجيم دور لغة وثقافة وهوية الشعب نحو هوية غربية تائهة لا تقدر لغة ولا ثقافة ولا دينا فكان ذلك الخطأ الذي ولد التيه.
المجلس الشعبي ممثلا في المجلس الوطني الاتحادي وبغض النظر عن آلية تشكيلة كان يمثله رجالات الدولة وأشراف الناس وغالبيتهم بعيدين عن تأثير السلطة ويعتزون باستقلاليتهم لذا كان هذا صوابا ولّد مشاريع ومبادرات شفافة فاقت التوقعات،فتحول هذا الصواب إلى خطأ عبر تشكيل مجلس مسيّر واهن لا يحقق طموحات الشعب ويشكله جهاز الأمن.
السياسة الخارجية كان من صوابها في بداية الاتحاد خطها العروبي والإسلامي تدافع عن حقوق البشر وترسم سياسة التوافق مع رغبات الشعوب العربية وتنأى بنفسها عن التدخل في شئون الدول،فانقلب المشهد وارتبكت السياسة عبر أخطاء وخطايا وانتهاكات ترقى إلى درجة الجريمة عبر تدخلها في شئون الدول ودعم الانقلابات والقتل والتصفية ومعاداة الشعوب وأحرار العالم وترتيبات خاصة مع الكيان الصهيوني.
ما اود ان أشير إليه أخيرا أن الاتحاد قيمة بل أمن وحياة أحبّه القاصي والدّاني فلا بد أن يثمّن ذلك المسئول حتى لا تكون ذكرى الاتحاد محصورة في أبواق إعلامية تزيف الحقيقة وتمجد المسئول وتفرغ الطاقات في الرقص والأغاني والشعراء الغاوون،ذلك لأن التركيز في هذا والغفلة عن عقد المؤتمرات واستجلاب الخبرات الصادقة على مائدة التجرد لدراسة مسيرة الاتحاد وللتعزيز من الصواب وتجفيف منابع الخطأ ،سيصعد من خطورة الخطأ والخطيئة وحينها فقط نخشى أن نفقد الصواب والنعمة.

1 thoughts on “الاتحاد بين الصواب والخطأ

  1. انا مواطن إماراتي وصدقا أقول، إننا ننعم برغد العيش وأمن وراحة بال في ظل دولتنا الحبيبه. ويكفي ما نشر من دراسات حديثه تثبت أن شعب الإمارات الأسعد عربيا ويحتل المركز 14 عالميا متفوقا على معظم الدول المتقدمه مثل الولايات المتحده، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا والكثير من دول العالم، ولا أرى أي مبرر لهذا الكم من الحقد من كاتب المقال والذي كان يشغل منصب وكيل وزاره مساعد في سن صغيره، فأي ظلم يتحدث عنه.

أضف تعليق